طاق طاق طاقية بدنا طاقة شمسية

الأحد 03 تموز 2011

بقلم عاهد العدوان

‎أمر بديهي أن يفكر الأردني بالطاقة الشمسية  كمصدر للطاقة، خاصة وهو يتابع كيف ان دول العالم تحث الخطى في ذلك الاتجاه، ومن بينها دول لا ترى شمسا ساطعة معشار ما لدينا. عندما نسمع ان ثلاثمائة الف منزل في جنوب كاليفورنيا تغطي كافة احتياجاتها ليلا نهارا من محطات توليد كهربائية تعمل على الطاقة الشمسية وبسعر منافس لمصادر الطاقة
الأخرى، ألا يدعوا ذللك للتفكر والتأمل و‬التبصر والمراجعة‫.

‎من المعروف ان تكلفة الطاقة الشمسية تختلف من بلد لآخر اعتمادا على الكثير من العوامل من أهمها وجود صناعات مساندة، بالإضافة إلى حجم انتشار التكنولوجيا المستخدمة في كافة جوانب المشروع الشمسي، إن النظر إلى تكلفة الطاقة دون اخذ ذلك بعين الاعتبار سيؤدي الى الوصول الى ارقام غير حقيقية وغير واقعية‫.

‎بتعبير آخر، معادلة تكلفة الطاقة الشمسية تتطلب دراسة محلية لكافة معطيات ومتغيرات هذه المعادلة، فخلق بيئة مناسبة وصناعات مساندة يؤدي في النهاية الى خفض التكلفة، ومن هنا يأتي هذا المقال كمقترح لنموذج صناعة الطاقة الشمسية في الاردن‫.

‎بما أننا نتحدث عن ضوء الشمس، فيجب أن نتحدث أيضا عن الصحراء والرمال، العجيب في الأمر أن رمال الصحراء وسماءها يشكلان حلا حقيقا وواقعيا لأكبر مشكلة تعاني منها الدولة الأردنية منذ تأسيسها. ولنبدأ بالرمال‫ التي تحتوي على مادة السيليكا وهي المكون الرئيسي للزجاج، ففي معان، بعض من أفضل أنواع السيليكا في العالم، وفي معان توجد اعلي نسبة سطوع للشمس في الأردن، وكأن يدا إلهية جمعت في ارض واحده مقولة “وارزق اهله من الثمرات” والخيرات، فعندما حُرمنا النفط، مُنحنا سطح معان.
‎‫وسأورد هنا حقيقتان علميتان الأولى‫: السيليكا، تشكل مكونا أساسيا للمواد شبه الموصله وعليه فهي العنصر الرئيسي والأساسي لبناء الخلايا الشمسية.

‎والثانية‫:‬ السيليكا تستخدم في تصنيع الزجاج والمرايا‫.

‎الآن السؤال هو‫: كيف يمكن بناء هذه الصناعة وما هي الاستثمارات المطلوبة؟

‎أولا‫:‬ مصنع لتصنيع خامات السيليكا بكافة إشكالها بحيث يتم بيع هذا المنتج كمادة أولية لكافة دول العالم حيث ان الصين تستأثر بحوالي ٦٠٪ من السوق العالمي ومن الطبيعي ان يكون الشرق الأوسط بخاماته ورماله ‫-‬ خاصة الاردن ‫-‬ مركزا عالميا لهذه الصناعة لقربه من أوروبا وإفريقيا، وعليه فأن اول مادة اولية لصناعة الطاقة الشمسية ستصنع محليا ولا اريد ان اخوض في تفاصيل فائدة ذلك‫ من حيث التكلفة و اقتصاديات السعة وامن مصادر الطاقة.

‎‫ثانيا: مصنعا لتصنيع الزجاج المستخدم في الأبراج والمباني.

‎‫ثالثا: مصنع لصناعة المرايا المستخدمة في عكس الاشعة الشمسية.

‎‫رابعا: مصنع لصناعة الخلايا الشمسية الرقيقة على أسطح الزجاج، ويكون مصنع الزجاج المستخدم في الأبراج والمباني مدخلا اوليا لهذا المصنع، بحيث يمكن إنتاج زجاج شمسي يقوم بتوليد الطاقة الكهربائية من اشعة الشمس، يمكن ان يحتوي هذا المصنع على خطوط انتاج الخلايا الشمسية على اسطح اخرى مثل البلاستيك وال‬ ‫PVC وتخيلوا معي يا سادة يا كرام ان مظلة في مطعم تولد طاقة كهربائية.

‎‫خامسا: مصنعا لصناعة كافة الأدوات الميكانيكية والمعدنية لمثل هذه الصناعية مثل القوالب والانابيب والفريمات والقواعد.

‎‫سادسا: مصنعا لصناعة المحركات الكهربائية المستخدمة في تحريك الألواح الشمسية وكافة المعدات واللوازم الكهربائية المستخدمة في هذه الصناعة.

‎‫سابعا: شركات تعنى ببيع، تركيب وتسويق هذه المنتجات كوحدة واحدة وكحل متكامل.

‎‫ثامنا: تخصصات جامعية في جامعة الحسين بن طلال في معان تتوافق مع الاحتياجات الهندسية والفنية والإدارية لهذة الصناعات، بالإضافة الى انشاء ودعم مراكز أبحاث علمية بتعلقة بصناعة الطاقة الشمسية بكافة جوانبها ولنا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية المثل والقدوة.

‎‫تاسعا: مركز تدريب متطور لكافة المهن المطلوبة لهذه الصناعة.

‎‫عاشرا: ان تكون برامج خدمة العلم بعد التدريب العسكري شاملة لبناء هذا المشروع بكافة جوانبه.

‎‫ان خلق قطاع صناعي متكامل ومتجاور يؤدي الى إيجاد قطاع ريادي و إبداعي اقتصادي innovation cluster بحيث تكون منتجات البعض هي مدخلات للآخر وهذا يؤدي إلى رفع سوية هذه الصناعة المتكاملة، تقليل التكلفة، وتأمين أسواق مجاورة وقريبة.

‎‫هذه القطاع الصناعي المتكامل سيقوم بتلبية حاجات المملكة بكافة مدنها وقراها وقطاعاتها من المنتجات المتعلقة بالطاقة الشمسية بالدرجة الاولى والمصممة اصلا لهكذا احتياجات، ومن ثم التصدير الى كافة دول المنطقة ودول العالم، ولنتخيل معا حجم وعدد الوظائف التي يمكن خلقها والمهارات التي سيكتسبها العاملين، وعدد الشركات الإبداعية الناشئة التي ستولد وتنمو في هكذا قطاع، والضرائب والدخول التي ستقوم الحكومة بتأمينها،  بالإضافة الى حل مشكلة الطاقة في المملكة وما يترتب عليها من تخفيف على فاتورة الدولة والمواطن على حد سواء.

‎‫ليس لدي ارقام عن تكلفة انشاء هكذا قطاع صناعي ولكنني اجزم بأن ذلك اقل من تكلفة بناء محطة نووية، أضف الى ذلك ان بناء محطة نووية لن ينشئ صناعة مكافئة من حيث الحجم والسوق المستهدف والتنوع الناشئ عن قطاع كصناعة الطاقة الشمسية.

بإمكان معان أن تصبح ‫”‬مكة‫”‬ لصناعة الطاقة الشمسية وبكل عناصرها وليس فقط لتوليد الطاقة الكهربائية، وكأني بصحراء لم تبخل يوما على هذا البلد الطيب بكل عطاء‫…. ويكفينا تجاهلا لها ولامكانياتها ولامكانيات أبناءها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية