"نحوبيئة مدرسية آمنة"

الإثنين 01 شباط 2010
edu2

بقلم منال قدورة

مديرة مدرسة الشفاء الثانوية للبنات

إن العملية التربوية التعليمية قائمة على أساس ثابت المنطلق من كتاب الله عز وجل واللذي أساس عماده التربية السليمة الصالحة المبنية على الإقناع والترغيب والترهيب. فالتربية والتعليم  منبثقة من تعاليم دينية لا بد أن توفر الأمان والإطمئنان للطلبة. فرب العزة خلق الثواب والعقاب, وخلق الجنة والنار, وجعل للملتزم الجنة وللمذنب النار ورغب ورهب وأبعد وأقرب للبشر على قدر عقولهم.

ونحن التربويون نتعامل مع فلذات أكبادنا انطلاقاً من مبادئ التربية الإسلامية السمحة ونسعى دائماُ لأن يكون الطالب بين أيدينا من أفضل الناس  وأحسن الخلق. ولأننا نحمل رسالة الأنبياء في أداء أسمى المهن لا بد أن نتخلق بأخلاق الرسل. ولا يجوز لأن يكون تصرف بعض التربويون الخاطئ و العنيف مع الطلبة  مقياساً لعطاء الجميع وما يكابدونه من عناء في إنشاء جيل واعد يواكب كل تطور بهمة عالية وفكر مميز متطور ليستطيع إدراك الأمور ويحلل ويصل الى الصواب بنفسه.

لنا من التجارب الكثير مع الطلبة, فمنهم المشاكس والملتزم, و منهم اللذي يتعمد إثارة المشاكل واللذي يقلب الغرفة الصفية مهرجان لللضحك واللعب وإستخفاف بالمعلم. لكن المعلم الواعي يدرك الأمور ويدخل الى نفوس الطلبة لإستقطابهم كل حسب نفسه هواه.

في هذه السنة الدراسية قدمت للمدارس حملة  “معا…نحو بيئة مدرسية اّمنة”. تهدف هذه الحملة لتوفير أساليب جديدة يتبعها المعلم لتقويم سلوك الطالب في الحصة الصفية . حيث يسحب المعلم من جيبه بطاقة صفراء أمام الطالب المخطئ ، وبعد ثلاث ثوان يناقش المعلم الطالب مع باقي الصف حول ما قام به ، والأسباب التي دفعته لذلك , للوصول إلى العقاب المناسب والبعيد عن العنف.

لكن البطاقة الصفراء كأسلوب تهذيب غير ناجحة بكافة المعايير, خصوصاً مع الطلبة الكبار, فقد صارت مثار الإستهزاء..فعلى حد رأي إحدى الطلبة,” يجب على النظام أعطاء الطلبة بطاقة حمراء تصلح لطرد المعلم عند أبرازها في وجهه وعلى المدير حمل الصافرة, كما يحملها حكم المباراة, إذا استعملها يطرد أيضا بالبطاقة الحمراء.”

في مدرستي ,مررت بتجارب عديدة استخدمت فيها اساليب اخرى أجدت نفعاً لضبط سلوكيات الطالبات و التي تم اقتراحها من الطلبة أنفسهم وأولياء أمورهم. ففي إحدى الصفوف ,كانت هناك طالبة مشاغبة جداً.لم يجدي معها نصح ولا أي نوع من العقاب (حرمان من الرحلة المدرسية ,إحضار ولي الأمر وحجز حقيبة لأجل احضار ولي الأمر والمقارنة مع الزميلات  في الإلتزام والنقل الى مدرسة أخرى بمجلس الضبط ) .فما كان مني إلا تنظيم لقاء بين طالبات الصف أنفسهم و أولياء أمورهم .

فتم جمع أولياء أمور جميع الطالبات في تلك الشعبة  :المشاغبين والملتزمين منهم. وطرحت مواضيع المشاغابات  المتكررة في الشعبة و تم مناقشة الحلول مع أولياء الأمور. ثم إلتقينا بالطالبات وكانت المشاعر مختلفة, منهم من بكى ومنهم من قام بتأنيب الطالبات لهذه المواقف من أجل ان تتعظ الطالبات ويقدرن تعب أولياء أمورهن .فما كان من الطالبات إلا أن قمن بكتابة وثيقة وقواعد سلوك عاهدن من خلالها أولياء الأمور وإدارة المدرسة على الإلتزام بكل ما كتب في تلك الوثيقة التي وقع عليها الجميع. وكان الإلتزام إلتزاماً  نموذجياً سر أولياء الامور وكذللك الطالبات لانهن قمن على عقاب أنفسهن .

أما في حملة “معا نحو بيئة مدرسية جديدة” , كان  إصدار البطاقة الصفراء كأسلوب تأديبي مزعج للمعلمين حيث ان هذه البطاقة اثارت ردود فعل مزعجة جدا من قبل الطلبة.  وصلت هذه الردود لدرجة  أن أحد الطلبة قال لمعلمه: “لا يجوز أن تتكلم معي ولا بأي صورة من الصور,, ليس لك علي سوى إخراج البطاقة الصفراء فقط ولا شيء اخر تملكه سوى ذلك.”

لدينا حلول كثيرة أخرى تجعل الطلبة طوع أيدينا بما نقدمه لهم من علم ومنفعة, و تحقق الإحترام المتبادل. لكن هذه الأساليب تكون في ضوء احترام الجميع للمعلم بدون وضع  أمور تهين كرامته حيث ان من الممكن ان يجير ولي الأمر والطالب الأمور حسب أهواءهم.

فهمت البطاقة الصفراء من قبل الطلاب و أولياء الأمور في عكس مغزاها,  لذلك أقترح  اعادة النظر فيما يطرح على الطلبة بهدف تحقيق بيئة مدرسية اّمنة وفق بيئاتهم وظروفهم الاجتماعية وحاجتهم وذلك لصالح العلم والتعلم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية