دائرة حياتي

الثلاثاء 05 تشرين الأول 2010

بقلم ياسمين الغرايبة

تستيقظ من نومك ، يبدو كأي يوم اعتيادي، تستعد وتتأبط أوراق معاملتك وتخرج –يا غافل الك الله – وما ان تدخل ذلك المبنى تبدأ قصتك …

في الدوائر الحكومية تكتشف في ذاتك قدرات باطنة خفية.كالقدرة على الوقوف طويلا في شيء اعتباطي يشبه “الدور” ، قدرتك على الهرولة والوثب بين الأقسام والدوائر، أضف الى ذلك القدرة على استخدام الكوع كأداة للمباطحة . واهم من ذلك وذاك … القدرة على ضبط النفس و كبح الانفعالات والشد على الحال لاخفاء التوتر.

هناك انت والمواطن الذي يقف بجانبك اخوه تنتظرون الفرج ولكن ما ان يبدي الموظف اي اشارة اهتمام كان تمتد يدة شبرا او شبرين كانما ينوي أخذ اوراق معاملتك تدب فيك روح المنافسة و”تستقل” خوفا من ان تتحول تلك الاشارات صوب مواطن اخر … وفي تلك اللحظة الدراماتيكية تخفت من حولك الاصوات القائلة ” يا ابني مشينا الله يخليك ” ،”والله صارلي ساعتين بالدور” وفي ذلك الهدوء تترقب … الختم ،التوقيع ، الخلاص…

فيقول – ” شباك ثلاث”
تأخذ نفس عميق و تذهب لتبحث عن شباك ثلاث في طريقك اليه تلمح مواطن اخر جالسا  في احد المكاتب  يرتشف القهوة، وتحس حينها (بجحره) تتكون في عينيك وتشك في نفسك انك بني ادم مثلك مثله.

والله وبدون حلفان انني من جماعة نص الكاسة المليان واعرف ان هناك جهود كبيرة و كثيرون مما يعملون على التطوير والاصلاح ، واعلم انه كما واجهت انا تجربة سيئة فان هناك تجارب عديدة جيدة نتيجة هذه الجهود ، واعلم ان التقنيات الجديدة قد ساهمت الى حد مافي هذا التطوير ،  ولكن ما دامت هذه الجهود موجودة  لماذا نلمسها فقط في اماكن محدودة و ما دامت الاجراءات مبسطة و فعالة لماذا يفاجا احدنا حين تنتهي معاملته في وقت قصير ؟  لا ادري ، هل ستقول لي ” الحق عالناس ” و ان كنت على حق والحق على الناس فلماذا اذا تجد ” نفس هدول الناس ” في انسجام تام مع الانظمة اذا ما سافروا الى الخارج؟ احترت .

ولعل اكثر ما يقلق في الموضوع هو تكرر بعض التعقيدات في الجامعات التي من المفترض انها تحمل نخبة المعلمين والباحثين  والتي تعلم طلابها كيف ان تبسيط الاجراءات له دور كبير في تخفيف التكاليف و الوقت على اي منشأة ، مع ذلك تراها تضيع وقتهم الثمين بين نماذج متشابهه و اختام متتالية.

نعم يجب ان نلاحظ التغيير بل و نحتفل به ولكن يجب في نفس الوقت ان نعترف انه يلزمنا وقت اطول لنخرج من دائرة (ماشي الحال) الى الدائرة التي “نستاهل” ان نكون بها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية